دحمور منصور
أبو عبد الله المنصور بن بختي بن أبي القاسم الحسني الونشريسي الجزائري
الملقب بابن الونشريس الحسني
النسب:
دحمور منصور بن بختي بن ابي القاسم بن الحاج الديلمي بن محمد بن دحمان - عبد الرحمان - بن احمد بن العربي بن عثمان الذي ينتهي نسبه الى الولي الصالح الشيخ عبد العزيز الحاج بن عثمان الشريف المعروف بعبد العزيز الشارف بن عثمان بن يحي بن يحي ين موسى بن علي بن محمد بن يوسف بن راشد بن راشد بن فرقان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد المومن بن عبد القوي بن عبد الرحمان بن إدريس بن اسماعيل بن موسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدنا علي كرم الله وجهه وابن سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المؤلفات:
في التاريخ:
01- الفتنة الكبرى: المؤامرة الأولى على الإسلام وانعكاساتها سنة 35 للهجرة/ 655 للميلاد.
02- ظاهرة الولاية وتأثيراتها على مجتمع المغرب الأوسط فيما بين القرنين 06 و09للهجرة.
03- أولياء المغرب الأوسط بين الواقعية والكاريزما.
في السياسة:
01- المهمة القذرة والوعد الإلاهي.
02- السياسة والتاريخ.
في الأدب:
01- ديوان شعر بعنوان: رسيل الهوى.
02- ديوان شعر بعنوان: مالا يقوله العشاق.
03- ديوان شعر بعنوان: هكذا كلمني القصيد.
04- ديوان شعر بعنوان: دعني وشأني.
05- مرج البحرين "مقامات أدبية".
كتب أخرى:
01- همس القلوب على ضفاف نهر المحبة والعفاف.
02- مرايا القلوب.
03- حنايا أهل المنى والمنايا.
04- الإيناس بأحلى ما حكي بين الناس.
05- مذكرات عاشق.
الجد عبد العزيز الشريف:
الشريف المعروف بعبد العزيز الشارف أو الشاريف بلغة المغاربة قطين مدينة الجلفة الذي ورد ذكره في كتاب : سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم . لمؤلفه : عبد الله بن محمد بن على حشلاف ، الذي قال فيه: فسيدي عبد العزيز كان قد استقر أولا بنواحي يسر وعمر هناك وكانت له زاوية مشهورة وانتفع منه خلق كثير مثل الولي الصالح سيدي عيسى بن محمد فكان لازمه اثني عشرة سنة ونال من بركاته وأسراره الحظ الأوفر ، ثم انتقل إلى قرية الشارف بإزاء الجلفة وله مقام مشهور يقصده الزوار.وكان خلّف ستة أولاد منهم ولي الله السيد المرسي دفين مرسيلية وقبره بها مشهور معظم مزار .وليسيدي عبد العزيز فروع كرام فمنهم فرقة بقرية الشارف تعرف بـ عبازيز الشارف ومنهم المكرم السيد بلعيش بن عيسى والمبجل المحترم السيد عبد الحفيظ بن محمد بن يحي وغيرهما وبيدهم شجرة نسبهم الشريف وهذا نصها : عبد العزيز بن عثمان بن يحي بن يحي ين موسى بن علي بن محمد بن يوسف بن راشد بن راشد بن فرقان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد المومن بن عبد القوي بن عبد الرحمان بن إدريس بن اسماعيل بن موسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدنا علي كرم الله وجهه وابن سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويضيف عبد الله حشلاف قائلا: ومن أحفاد الشيخ سيدي عبد العزيز الحاج رئيس الطريقة الشاذلية .

منطقة الشارف:
ونسبة الى الشيخ عبد العزيز الشارف عُرفت منطقة الشارف الحالية بولاية الجلفة إحدى بوابات الصحراء الجزائرية و تعتبر بلديـة الشارف من اعــرق بلديات ولايـة الجلفة حيث يعــود تاريخ إنشائها إلى سنة 1300 م وهي تحتل إستراتيجيا هاما موقعا وكانت تسمى " تاولفين " أسسها سيدي محمد بن علي الذي قدم من المغرب واستضافه أولاد سيدي بوزيد ليتزوج منهم ويستقر بهذه المنطقة، ونظرا لكونها محاذيـة للطريق الوطــني رقم: 46 الذي هو همزة وصل بين ولاية الجلفة وولايات الغرب والجنوب الذي بإمكانه أن يؤهلها اقتصاديا بعدما تمت الموافقـة على تعديل مخطط التهيئـة والتعمـير الذي ركز على توســيعهـا. ومن جهة أخرى تعتبر بوابة الولايــة من الجهة الغربية وحدودهــا كمايلــي :
- شــرقـا: مقر الولاية
- غربا : بلديــتي القديد والادريسية
- شمالا : بلدية الزعفران
- جنوبا: بلدتي الدويس وبن يعقوب
كما انها تتربع على مساحة قدرها:1400 كلم2 مربع تقريبا ويبلغ عدد سكا نـهـا 24000 نسمة وتــتــمــيـز بطا بـعــهـا الـفلاحــي كما تزخر بثروات لاباس بها منها السياحية كمطقة الحمام المعدني الذي اثبتث الدراسات ان مياهها غنية بعناصر علاجية كون مخزون مياهها بجانب بركان وهذا ما تلاحظه من خلال الطابع الجغرافي للمنطقة كما أنه تمت الموافقة عليه من طرف وزارة الساحة كمعلم سياحي ذو أهمية بالغة وتجري به الأشغال لتوسعته وتهيئته. وما يضفيه من رونق على المنطقة، السد المائي الذي أصبح وجهة للسياح والصيادين بالقرب من الحمام وثروة غابية لاباس بها مزروعة كدرع لمقاومة التصحر وزحف الرمال، وثروة حيوانية لكون غطائها النباتي شبه صحرواي ويغلب عليه الطابع الرعوي الجلفة.
كما يعتبر سكانها أغلبهم من الحضر ذو أصل شريف يرجع نسبهم إلى سيدي عبد العزيز الحاج الذي يعود نسبه إلى السيد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ونسبة الجهل والامية في الأونة الإخيرة تم تقليصها إلى نسبة 15بالمئة يعيش أغلب سكانها من تربية الثروات الحيوانية نظرا لطبيتها الجغرافية الممتازة وقطاع التجارة، كما يوجد بها مسجد يعود إلى سنة 1898 م ويعتبر من أقدم مساجد المدينة، وكانت مقرا للولاية السادسة عام 1962 أقيم بها حفل عيد الاستقلال آنذاك.

أصل لقب دحمور:
اما عن اللقب دحمور فأصها الاول دحمان نسبة الى الجد الرابع عبد الرحمان بن احمد بن العربي المعروف بدحمان ولكنها غُيرت الى دحموني ثم دحمون ثم دحمور وهذا معروف عند الناس ويقال ان تسمية منطقة دحموني الموجودة بولاية تيارت نسبة الى شهيد الوطن اخ الجد ابي القاسم بن الحاج الديلمي المسمى قويدر بن الحاج الديلمي.
شرفاء الونشريس:
وأما عن الشرفاء ببلاد الونشريس و للعلم أن شرفاء الونشريس و منذ القدوم المبارك لسيدي عبد الرحمان الشريف و إستقراره قبالة جبل الونشريس حوالي القرن (15م) ، و أحفاده لهم نقباء من الأولياء و الآئمة ومنهم سيدي الطاهر الشريف و بعده سيدي بوهني ( مول المقام) و بعده سيدي بن حليمة (بوشاشية) وغيرهم كثير.
و الحمد لله أن أشراف الونشريس ساهموا مساهمة كبيرة مع غيرهم من القبائل المجاورة في تحرير بلدنا الجزائر من الإستعمار الغاشم و قدم أبناء الونشريس من التضحيات الكثير لهذا الوطن الحبيب ، قدم الأشراف وحدهم أكثر من سبعين (70) شهيدا و القائمة موجودة عندنا في بحث سابق، كما قاموا ببناء الزوايا و تحفيظ القرآن الكريم و نشر علوم الدين لأبناء المنطقة . كما حافظوا على نسبهم الشريف و شجرة العائلة إلى اليوم ،و كما حافظوا على عاداتهم و تقاليدهم و تماسكهم و صلة أرحامهم ، و من عاداتهم و تقاليدهم الطعم (الوعدة) ترحما و صدقة على أجدادهم و أوليائهم في مقبرة الشرفا(بني بوعتاب الونشريس) ، كما عانت المنطقة من الإستعمار عانت من الإرهاب و التهجير القصري و من هدم أضرحة الأولياء (أجدادهم) بفتاوى مستوردة و بثا للفتنة ، إلا أنهم لم يستسلموا بل قاوموا و ها هم اليوم يبعثون الحياة من جديد و بنفس من حديد لإعادة ترميم الأضرحة و الحفاظ على المقبرة الشريفة و حماية لتراثنا المادي و الفكري. كما قاموا بتأسيس زاوية قرآنية بالمنطقة لتعليم الناشئة . فالأشراف و القرآن لن يفترقا أبدا كما أخبر بذلك سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم في الحديث الصحيح الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ( إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2457 في صحيح الجامع. وقال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) . تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2458 في صحيح الجامع.

فالأشراف دائما و أبدا مع القرآن و القرآن معهم إلى يوم الدين إن شاء الله . إن شرفاء الونشريس الجد الجامع لشعبهم هو القادم الأول لهذه المنطقة في القرن (15) الخامس عشر ، و هو سيدي عبد الرحمان الشريف و الموجود ضريحه الشريف قبالة جبل الونشريس (بني بوعتاب) ببقعة الشرفا في مقبرة الشرفا ونسبه هو: عبد الرحمان إبن عبد الله إبن عبد الرحمان إبن عبد الله إبن محـمد إبن عـلي إبن أحـمد إبن عـلي إبن يوسـف إبن عيـسى إبن عـلي إبن يحـي إبن يـزيد إبن مخلـوف إبن عبـد الحق إبن جابـر إبن عـبد العـزيز إبن عبـد الرحمـان إبن يـزيد إبن صفـوان (عـمران) إبن رابـح إبن ياسـر إبن مـوسى إبن عـيسى إبن ( الأمير) عـبد الله إبن الملك مولاي محـمد إبن الملك مولاي إدريـس الأصغـر إبن الملك مـولاي إدريـس الأكبـر إبن عـبد الله (الكامل) إبن الحسـن (المثنى) إبن الحسـن السبط عـلـي بن أبي طـالب وفاطـمة الزهـراء بنت رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم .
هذا مايقوله البعض، غير ان البعض الاخر يقول ان اول قدوم لم يكن لعبد الرحمان بن عبد الله ولكن حل قبله الشريف عبد الرحمان بن احمد بن العربي الادريسي الحسني القادم من منطقة الشارف المنسوبة الى الولي الصالح سيدي عبد العزيز الشريف الملقب بالشارف، والذي حل بمنطقة بناوري من بلاد الونشريس والموجودة اليوم بالضبط ببلدية العيون ولاية تيسمسيلت وهو عبد الرحمان بن احمد بن العربي بن عثمان بن عبد العزيز بن عثمان بن يحي بن يحي ين موسى بن علي بن محمد بن يوسف بن راشد بن راشد بن فرقان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد المومن بن عبد القوي بن عبد الرحمان بن إدريس بن اسماعيل بن موسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدنا علي كرم الله وجهه وابن سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يزل اخوانهم الى اليوم بمدينة الجلفة
ومن بين الالقاب التي يحملها اليوم شرفاء بلاد الونشريس نذكر:
دحمور، دحمون، جبانة، رابحي، تقاقرة، بوغاري، خروبي، لواسي (الأوس) ، زغاري، زرار ، عوادي(لوادي) ، زرق الراس ، فوضيل . عزاز ، قريمش، قاسي (كاسي)، حدبي(حذبي) ، غداب ، شاكري، غاشي، كامل، شايب باشا، شاطرباش،شاوش، شهب العين، شارف خوجة، قانون، زرقان، عجرافي و قعماز، وغيرها كثير.
هذا ما وصل الى حد علمنا بشرفاء بلاد الونشريس معرفة حقيقة والله اعلم بمن خفي منهم.

تيسمسيلت:
اصل تسمية تيسمسيلت هي من لغة البربر الأمازيغ أبناء المنطقة الأصليين وهي من كلمتين هما: تيسم : غروب و سيلت : الشمس ، بمعنى غروب الشمس، أو هنا تغرب الشمس المصطلح يرجع إلى اللهجة المستعملة من طرف سكان المنطقة قديما (الأمازيغ) و منذ ذلك العهد تداولت التسمسية على المنطقة بتيسمسيلت و للمتأمل متعة في ظاهرة غروب الشمس حقا منظر خلاب لظاهرة غروب الشمس بولاية تيسمسيلت vialar
اسم أطلقه المستعمر الفرنسي على المنطقة نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي VIALAR ANTOINE ETIENNE ANGUSTIN
كنيسة فيالار في عهد الاستعمار ومسجد بلال بن رباح حاليا.

اهم المواقع الاثرية بتيسمسيلت :
تعتبر ولاية تيسمسيلت من بين الولايات التي تزخر بمواقع أثرية جد هامة، تجسد مراحل تاريخية مختلفة، بدءا بماقبل التاريخ مرورا بالعصر القديم، انتهاء بالعصر الإسلامي نقتصر على ذكر أهم المواقع الأثرية الموجودة على تراب الولاية تلك المقترحة للتصنيف و ذلك لأهميتها الأثرية البالغة وهي موقع عين الصفا يقع شرق بلدية تيسمسيلت على بعد 7 كلم على الطريق الوطني رقم 14، الرابط بين بلدية تيسمسيلت و ثنية الحد يرجع تاريخ هذا الموقع إلى فترة ما قبل التاريخ و بالتحديد إلى العصر الحجري الحديث (النيوليتيك) و هو عبارة عن مغارة بها نقوش و زخارف مختلفة الأشكال، و كتابات ليبية بربريةموقع عين تكرية يقع بمنطقة خميستي، على مقربة من الطريق الوطني رقم 14، و هو من بين التحصينات العسكرية التي شيدها الرومان ضمن منظومة خط الدفاع (الليمس)، وقد كانت تعرف أثناء العهد الروماني باسم "كوليمناتة"،و هي تعود إلى القرن الثاني ميلادي و بالتالي، تعتبر أقدم منشأة عسكرية على تراب الولاية موقع تازا يقع ببلدية الأمير عبد القادر، و يعود إلى الفترة الإسلامية، و هون عبارة عن قلعة من قلاع الأمير،و قد أنشأها سنة 1838 م.

تعتبر ولاية تيسمسيلت من بين الولايات التي تزخر بمواقع أثرية جد هامة، تجسد مراحل تاريخية مختلفة، بدءا بماقبل التاريخ مرورا بالعصر القديم، انتهاء بالعصر الإسلامينقتصر على ذكر أهم المواقع الأثرية الموجودة على تراب الولاية تلك المقترحة للتصنيف و ذلك لأهميتها الأثرية البالغة وهي:
موقع عين الصفا:
يقع شرق بلدية تيسمسيلت على بعد 7 كلم على الطريق الوطني رقم 14، الرابط بين بلدية تيسمسيلت و ثنية الحد يرجع تاريخ هذا الموقع إلى فترة ما قبل التاريخ و بالتحديد إلى العصر الحجري الحديث (النيوليتيك) و هو عبارة عن مغارة بها نقوش و زخارف مختلفة الأشكال، و كتابات ليبية بربرية.
موقع عين تكرية:
يقع بمنطقة خميستي، على مقربة من الطريق الوطني رقم 14، و هو من بين التحصينات العسكرية التي شيدها الرومان ضمن منظومة خط الدفاع (الليمس)، بها أثار رومانية كانت مساكن للجند و مرابط للخيل و مخازن للغلال و السلاح.
وقد كانت تعرف أثناء العهد الروماني باسم "كوليمناتة"،و هي تعود إلى القرن الثاني ميلادي و بالتالي، تعتبر أقدم منشأة عسكرية على تراب الولاية.
موقع تازا:
يقع ببلدية الأمير عبد القادر، و يعود إلى الفترة الإسلامية، و هون عبارة عن قلعة من قلاع الأمير بها أثار مقبرة قديمة ، شواهد لقطع نقدية ، هياكل عظمية ، بقايا أثار و نقوش ، تعود للعهد الروماني.و قد أنشأها سنة 1838 م و نتيجة لأهمية هذا الموقع تجرى حفرية من قبل بحث جامعية، و قد أسفرت عن نتائج مهمة.
منطقة أم العلو ( الزهاير ) :
بها شواهد أثرية تعود للعهد الروماني، بقايا حصن ، مدافن ، أضرحة و هيكل للإنسان يرجع إلى العصر الحجري.
منطقة باب البكوش ( لرجام ) :
احتضنت معركة شهيرة سنة 1958 ، بها مقبرة لأكثر من 1240 شهيد.
بلاد الونشريس:
إن الآثار المادية و المواقع الأثرية تشهد أن منطقة تيسمسيلت كانت آهلة بالسكان منذ فترة العصر الحجري القديم المتأخر وعرفت نشاطا اقتصاديا منذ فجر التاريخ كما كانت مركزا تجاريا هاما وطريقا استراتيجيا يضاهي الطرق التجارية عبر الساحل والمناطق الجنوبية و نظرا للهجمات المتكررة للقبائل اتخذ سكانهاالمرتفعات مكانا لاستقرارهم كعين توكرية و سيدي لحسن وأم العلو و غيرها.
أما المناطق السهلية و الأحواض فاتخذوها لممارسة أنشطتهم الفلاحية واستمرت الحياة بالمنطقة إلى غاية الاحتلال الروماني إذ شهد الونشريس تلك المقاومة الشرسة للإحتلال.
مقاومة الاحتلال الروماني:
رغم امتداد فترة الاحتلال الروماني لما يربو عن ستة قرون وبالرغم من استيلائهم على جزء كبير من الأراضي الجزائرية بالشمال وسيطرتهم على القسم الشرقي و الجنوبي و الغربي بالولاية إلا أنهم لم ينجحوا في السيطرة على القسم الشمالي خاصة منطقة الونشريس التي كانت تقطنها القبائل النورية البربرية ، مما أرغم الاحتلال الروماني على وضع التحصينات (خط الليمس) لتفادي التهديدات المتكررة للدفاع عن مراكزه في الشمال و هناك أسطورة تتحدث عن تمركز إحدى الأميرات بقمة جبل بلخيرات بالونشريس اعتبرت في ذلك العهد عدوا لدودا للرومان.
و مما نستخلصه أن سكان المنطقة فرضوا وجودهم و استقلالهم أمام غزاة اضطروا أمام هذه المقاومة و الصمود إلى بناء مراكز دفاعية و بقيت روح المقاومة متواصلة متجسدة في الثورات الشعبية خاصة بعد ظهور المسيحية بالمنطقة.

عهد الفتوحات الاسلامية:
في عهد الفتوحات الاسلامية لبلاد المغرب وخلال الحملة الثانية لعقبة بن نافع الفهري 62-64 هـ دخل الاسلام إلى المنطقة و لقي ترحابا كبيرا و صارت تابعة للولاة الأمويين بالقيروان (تونس) ثم الرستميين فالفاطميين غير أن هذه التبعية لم تدم طويلا إلى غاية ظهور بلكين بن زيري سنة 360 هـ و منذ ذلك الوقت بقي الونشريس تابعا للزيرين إلى أن ظهر أبو البهار بن الزيري واقتطع منطقة الونشريس وتيهرت من ابن أخيه المنصور بن بلكين سنة 377 هـ غير أن أبو البهار لم يصمد أمام الثائر الزيري بن عطية المغراوي الذي ملك الونشريس و ما جاوره سنة 383 هـ لتصبح هذه المنطقة تابعة للدولة الحمادية سنة 405 هـ وتتحول زعامة هذه المنطقة إلى قبائل بنو توجين الذين ترددوا في الولاء بين الزيرين و الحماديين وبقيام دولة المرابطين خضعت المنطقة لسلطة بن تاشفين لكن بظهور الموحدين اصبحت المنطقة تابعة لهم بزعامة بنو توجين سنة 539هـ وعلى رأسهم عطية بن مناد.
و ما إن حلت سنة 639 هـ شهدت منطقة الونشريس ظهور إمارة محلية يقودها زعماء قبائل بنو توجين و تتوسع إمارتهم إلى فرندة بتيارت تحت لواء الدولة الحفصية غير أن يغمرا سن بن زيان لم يهدأ له بال امام تزايد قوة هذه الإمارة التي باتت تهدد طموحاته التوسيعية فقام هذا الأخير بشن عدة هجومات عليها دون جدوى وبقيت صامدة إلى مطلع القرن 14 م.
إمارة الونشريس (بنو توجين):
تكونت هذه الإمارة في أواخر القرن الرابع الهجري عندما ثار حماد بن بلكين على ابن أخيه باديس بن المنصور ملك دولة بني زيري بن مناد ومن جمــلة ما انتصر له قبائل بنو توجين البرابرة الذين ينتمون إلى زناتة و جزاء انتصار باديس بن المنصور ترك لهم حكم إمارتهم برئاسة رافلتن الذي توارث أفراد أسرته الحكم طيلة القرن الخامس الهجري.
و في أوائل القرن السادس هجري حل الإمام المهدي ابن تومرت بالمنطقة وهو في طريقه من بجاية إلى مراكش فحضي باستضافة سكان الونشريس وانضم إليه الفقيه عبد الله بن محسن الونشريسي المكنى بالبشير الذي كان له دور كبير في صفوف الدولة الموحدية إذ عينه ابن تومرت قائدا لجيش الدولة عندما أعلن الحرب على دولة المرابطين و من ذلك نال قادة إمارة الونشريس ( بنو توجين) مكانة خاصة عند دولة الموحدين إذ صاروا محل ثقة و تبوؤوا مكانة مرموقة عند ملوكها.
و بعد مطاردة الملك المنصور الموحدي لبني غانيه و مرافقة امير قبيلة بنوتوجين العباس بن عطية سنة 581 هـ تغيرت نظرة الموحدين لهذه الدولة واعترفوا باستقلالها و وسعوا لهم رقعة دولتهم فصارت تحدها شرقا جبال التيطري (المدية) و غربا سهول منداس و شمالا سهول الشلف و واديه وجنوبا نواحي مدينة فرندة ( تيارت) و أصبحت هذه الدولة تشمل عدة قلاع حصينة منها تاقدمت التي تقاسمت قاعدة المملكة مع الجبل المعروف الآن ببرج بونعامة و تفرقينت وتاغزوت و المدية و هذا إلى أواخر عهد الموحدين و من بين هذه القلاع اشتهرت قلعة تاغزوت التي أقام بها المؤرخ عبد الرحمان بن خلدون لتحرير تاريخه الخالد لمدة أربع سنوات أتم فيها مقدمته كما شاركت هذه الدولة في رد الهجمات الصليبية التي قادها الملك الفرنسي سان لوي على تونس سنة 668 هـ في عهد محمد بن عبد القوي واستطاعت هذه الدولة أيضا إخراج الثعالبة الذين كانوا يحكمون جبل التيطري فانزاحوا على متيجة.
إن تيسمسيلت هي همزة الوصل بين التل و الصحراء و أرض سخية أنجبت الكثير من العلماء و المفكرين أمثال العالم الفقيه أبو العباس أحمد بن يحي الونشريسي صاحب المعيار المُعرب عن فتاوى علماء افريقيا والأندلس والمغرب و الكثير من المؤلفات تناول فيها أصول الفقه المالكي وفروعه و ابنه عبد الواحد بن أحمد بن يحي الونشريسي وغيرهما من العلماء، ومثل هذه الميزات الطبيعية و الثقافية أهلت أبناء المنطقة للقيام بدور هام عبر العصور الغابرة والحديثة ذلك ما أثبتته البحوث التاريخية.

أما خلال الفترة العثمانية :
ضمنت المنطقة إلى بايلك الغرب و كانت مقسمة إلى عدة قبائل بعضها خاضعة للسلطة العثمانية وأخرى مستقلة عنها إلى غاية الاحتلال الفرنسي أين هبت هذه القبائل جميعها إلى تلبية نداء الواجب الوطني وانضوت تحت لواء مقاومة الأمير عبد القادر.
مقاومة الاحتلال الفرنسي:
نظرا لارتباط السكان بأرضهم وتعلقهم بوطنهم فإن سكان ولاية تيسمسيلت لبوا دعوة المنادي إلى الجهاد باسم الدين الحنيف و قد تجلى ذلك من خلال المقاومات الشعبية التي عرفتها المنطقة متمثلة في مقاومة الأمير عبد القادر ، الشيخ بومعزة و سيدي لزرق بن الحاج في منتصف القرن 19م مما اضطر العدو الفرنسي إلى تأسيس ثكنات ضخمة بالونشريس أهمها ثكنة ثنية الحد وهي أماكن كانت مسرحا لمعارك طاحنة بين السكان والجيوش المدججة بالأسلحة الفتاكة لإخماد الثورات الشعبية سنة 1846.
و قبل تشييد هذه الثكنات اضطر الجنرال بيجار إلى بناء الأصنام 1842-1843 لحضار و قمع جهة الونشريس خاصة و ان هذه المنطقة كانت تحمي قاعدتين هامتين للأمير عبد القادر و هما تاقدمت و تازة جنوب ثنية الحد.
مقاومة الأمير عبد القادر :
لقد استمد الأمير عبد القادر قوته من قبائل ومناطق مختلفة كون بها جيشه ودولته لخوض غمار المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي وشن حملاته العسكرية على المراكز الفرنسية والقبائل المتمردة ونظم الأغالكة بالمنطقة من بني هاشم الشراقة وبني هاشم الغرابة ونصب خليفة معسكر سيد الحاج مصطفى بن تامي منسقا ومراقبا لها، إضافة إلى ذلك شيد مجموعة من الحصون والقلاع أهمها بالمنطقة حصن تازة (واقع حاليا ببلدية برج الأمير عبد القادر ولاية تيسمسيلت).

قلعة تازة تتصدى للتوسع الاستعماري :
لقد حل الأمير عبد القادر بمنطقة تازة خلال شهر جوان 1838 و أمر باختطاط الحصن بها و كلف خليفته بن علال للإشراف على أعمال البناء ووقع الاختيار على المكان لإستراتيجيته العسكرية فهو يقع في الخط الثالث الذي استحدثه الأمير في إطار استغلاله لمعاهدة تافنة باعتبار أن منطقة تازة همزة وصل بين التل والصحراء و بها عقد الأمير اجتماعاته مع ولاته الأربعين و بها كان يضع الأسرى الفرنسيين إلى أن استولى عليها الفرنسيون في 25 ماي 1841 ودمروها عن أخرها.
مقاومة بومعزة :
لم تتمكن الإدارة الاستعمارية من التوسع على حساب المنطقة إلا بعد اللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة كقطع الأشجار والاستيلاء على الأنعام وأخذ الرهائن من نساء و شيوخ و أطفال، و لكن سرعان ما تجندت قبائل المنطقة حينما ترددت بالونشريس أصداء دعوات البطل الشريف بومعزة ( محمد بن عبد الله) إذ استأنفت المعارك من جديد و عمت أقاليم عديدة مهددة الجيوش الفرنسية بين سنتي 1847-1854 لذلك بذلت القيادة الاستعمارية مافي وسعها حينما سقط في ميدان الشرف عدد كبير من المجاهدين والمدنيين العزل سنة 1847 واتبعت سياسة التخريب والتقتيل ولم تكن هذه المقاومة هي آخر مرحلة من المقاومة بالمنطقة .

مقاومة سيدي لزرق بن الحاج :
في الوقت الذي همت فيه المقاومة بالمنطقة الجنوبية للقطاع الوهراني انطلقت مقاومة باسلة في فليته بجبال الونشريس و خوض الشلف بزعامة الشيخ لزرق بن الحاج المنتسب إلى الطريقة القادرية و انضم إليه قرابة 64 دوارا فخاض يوم 24 أفريل 1864معركة في خنقه العزر ضد القوات الفرنسية ومعارك اخرى في ضواحي الونشريس وحوض الشلف ثم توجه الشيخ لزرق إلى منطقة الونشريس وسرسو لتوسيع مقاومته وربطها بمقاومة اولاد الشيخ جنوبا فاصبحت منطقة الونشريس مفتوحة أمام الثوار ومساحة شاسعة لبطولاتهم وفر المستعمر إلى منطقة مستغانم وتمكن من تخريب مواقع العدو في 20 ماي 1864 وواصل الشيخ لزرق مقاومته إلى أن سقط شهيدا في معركة ظهرة عبد الله يوم 20 جوان 1864.
وحسب الروايات الشفهية ان السكان اضطروا للفرار إلى أعالي المرتفعات هروبا من الاستغلال والاستعباد اذ سرعان ما تعرضت المنطقة لسياسة اغتصاب الاراضي الزراعية وطرد اصحابها في نهاية القرن التاسع عشر فارتفع حجم الاراضي المسلوبة من 29067 هكتار إلى 94472 هكتار من سنة 1840 الى سنة 1917 وترتب عن هذا الاجراء ان عانى سكان المنطقة الجهل والفقر والمجاعة من جراء تطبيق القوانين الجائرة مما ترتب عن هذه الوضعية عواقب وخيمة بانتشار المجاعات والاوبئة كداء الكوليرا سنة 1849 واستفحال ظاهرة الهجرة من الريف الى المدينة بحثا عن لقمة العيش اذ كان مدخول الشخص الواحد بالبلدية المختلطة بالونشريس يساوي 03 قناطير قمح سنويا أي 14.500 فرنك حوالي سنة 1950 خاصة بعد انشاء البلديات في المناطق الحساسة كبلدية الونشريس المختلطة (موليار) التي تضم بني هندل بني بوعتاب بني وعزان بطحية بني بوخنوس اولاد بوسليمان وعماري الى جانب بلدية تيسمسيلت(فيالار) وبلدية ثنية الحد وغيرها وبحلول سنة 1912 اجبر العدو ابناء المنطقة على التجنيد الاجباري والمشاركة في الحرب العالمية الاولى والثانية وحرب الهند الصينية.
مرحلة الحركة الوطنية : تواصل النضال بعد الحرب العالمية الاولى في صبغته السياسية المناهضة لسياسة الاستعمار الفرنسي خاصة بظهور حركة الامير خالد سنة 1920 الذي لقي تاييدا كبيرا بالمنطقة باعتباره حفيد الامير عبد القادر وبمرور الزمن ظهرت بوادر العمل السياسي على شكل حركات احتجاجية تنديدا بالتعسف الاستعماري بداية من نجم شمال افريقيا سنة 1926 ثم جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 فحزب الشعب سنة 1937 وصولا الى حركة انتصار الحريات الديمقراطية وانخراط الكثير من المناضلين في المنظمة الخاصة 1947سنة أمثال الشهيد الجيلالي بونعامة وغيره ، خاصة بعد مجازر الثامن ماي 1945 اين حدث المنعطف التاريخي والمحك الحقيقي للافكار التحريرية فكان اضراب ماي 1945 دليلا قاطعا على التضامن وتاكيد جازم على الروح الوطنية لابناء المنطقة تجاه اخوانهم ضحايا المجازر.
لقد لعب مناضلو المنطقة دورا اساسيا خلال انتخابات سنة 1947 نتيجة لدرجة الوعي السياسي وادراك الواقع المعاش المتردي خاصة بعد تفشي الامراض والاوبئة الخطيرة وارتفاع معدل الضحايا الى جانب الاستغلال البشري في استخراج الثروات الباطنية من زنك ورصاص وقصدير من منجم بوقايد فقوبلت انتخابات 1947 بالرفض والمقاطعة الا ان رد فعل العدو كان عنيفا بزج العديد من المناضلين بسجن ثكنة ثنية الحد وتحويل البعض الاخر الى سجن الأصنام(الشلف حااليا)
إضراب عمال منجم بوقايد :
كانت الظروف الصعبة التي يقاسيها العمال الجزائريون بالمنجم من استغلال وعنف واجر زهيد هو الشيء الذي دفع بالشهيد الجيلالي بونعامة ورفاقه إلى تجنيد العمال المنجميين في صيف 1951 لشن اضراب استمر خمسة اشهروالذي يعد من بين اهم التطورات السياسية التي عرفتها منطقة الونشريس اذ كان هذا العمل نتاجا لوعي سياسي ووطني ظهرت بوادره في شخصية الجيلالي بونعامة ورفاقه من المناضلين في الحركة الوطنية كما يعتبر ايضا احد الافرازات المتمخضة عن السياسة الاستيطانية المنتهجة في استغلال سواعد ابناء المنطقة في استخراج الثروات الباطنية بارخص الاثمان في الوقت الذي كانت تعيش فيه العائلات الجزائرية انهيارا في المستوى المعيشي وتفشي الامراض والاوبئة الخطيرة مع إقدام مسيري المنجم على طرد احد العمال الجزائريين من المنجم.
كل هذه العوامل وغيرها ساهمت في تبلور فكرة التمرد ورفض الواقع المعاش لذا لم يكن العامل الجزائري باحسن حال فهو لا يتقاضى الا حوالي ربع ما يتقضاه العامل الاوروبي ونسبة ضئيلة من الجزائريين من يحتفظ بمنصب عمله بصفة دائمة وبفضل العمال المخلصين لوطنهم اضرب عن العمل ما يقارب 700 عامل منجمي بوحدة بوقايد لمدة خمسة اشهر الشيء الذي احدث صدى كبيرا في الجزائر بل وصل ذلك الصدى إلى فرنسا نفسها.

إرهاصات انطلاق الثورة بالمنطقة:
دخلت منطقة الونشريس في سباق مع الزمن، إذ شرع المناضلون الأوائل وعلى رأسهم الشهيد البطل سي محمد بونعامة ومناضلي المنظمة الخاصة والمنخرطين في حزب الشعب الجزائري في الإعداد للثورة حيث التقى سي محمد بونعامة بالشهيد سي البغدادي (أحمد عليلي) خلال سنة 1953 بأمر من الشهيد سويداني بوجمعة لمناقشة أوضاع الناحية وتنسيق الأعمال و اطلاع سكان الونشريس على ما يجري من أحداث بنواحي متيجة و الإشراف على تنظيم الاجتماعات وتشكيل الطلائع الأولى للثورة بالقرى و المداشر و المدن و تدريبها على أساليب حرب العصابات و تحديد مهامها المتمثلة في حفر المخابئ و جمع الذخيرة والأسلحة الحربية و صنع المتفجرات و جمع الأموال لتمويل الثورة.
لقد كان لهذه المجهودات أثر كبير في تكوين الطلائع الأولى لمناضلي جيش وجبهة التحرير الوطني حيث قامت هذه الأفواج الأولى بالأعمال التخريبية والفدائية و تجنيد المواطنين المناضلين ضد المصالح الاقتصادية الفرنسية و لم تمض سنة 1955 حتى تكونت فصائل المسبلين و الفدائيين التي غدت تجوب جبال الونشريس و هي مدربة على الكمائن وشن الهجومات الخاطفة على مراكز العدو خاصة المتواجدة بالمناطق الريفية كمراكز حراس الغابات و مزارع الكولون ومراكز رجال الدرك والقضاء على الخونة وكان الهدف من هذه العمليات خلال هذه المرحلة هو توفير الجو المناسب لانتشار الثورة في كل ربوع الوطن و إضعاف فرنسا اقتصاديا وإشاعة أللاستقرار و بث الذعر و الفزع في أوساط المعمرين والخونة العملاء و قد تم تنظيم عدة عمليات استهدفت مصالح العدو الفرنسي أرهقته اقتصاديا و أمنيا مثل قطع أعمدة الهاتف و الكهرباء و حرق المزارع وإتلاف المحاصيل الزراعية و قطع الأشجار المثمرة ومضايقة الكولون لإرغامهم على مغادرة مزارعهم و تخريب الجسور والطرقات وإحصاء الخونة وإعدامهم.
و خلاصة القول أن هذه الفترة تعتبر الأرضية الصلبة التي قامت عليها دعائم الثورة التحريرية فقد استطاعت الخلايا السياسية التي تأسست عبر كافة مدن و قرى ولاية تيسمسيلت أن تؤدي دورا ايجابيا في مجال التوعية السياسية وانتشار الثورة إذ أشرف على هذه المرحلة رجال مخلصون وسياسيون محنكون أمثال الشهيد سي الجيلالي بونعامة و الشهيد سي البغدادي و الشهيد سي امحمد بوقارة وكثير من المناضلين و خلاصة القول أن هذه المرحلة كانت بمثابة التمهيد لانطلاق المرحلة الحاسمة ابتداء من سنة 1956 حيث اشتد ساعد الثورة و قويت شوكتها و انتشرت انتشارا واسعا بين مختلف فئات المواطنين وعبر كافة مناطق الونشريس والتحق خلالها عدد كبير من المجاهدين بصفوف جيش التحرير الوطني كانوا مجندين في صفوف العدو الفرنسي و شاركوا في حرب الهند الصينية إذ برز دورهم في التكوين و التدريب على استعمال الأسلحة و تطبيق أسلوب حرب العصابات مستغلين تجربتهم العسكرية التي اكتسبوها في صفوف العدو.
لقد احتضن مواطنو منطقة الونشريس الثورة في المدن والأرياف و منحوها كل ما يملكون من مال و أولاد و أنفس ، فتكونت الفصائل و الكتائب و أفواج المسبلين و انعكست آثار هذه الجهود على العدو الذي تكبد خسائر فادحة من جراء المعارك و العمليات الفدائية والهجومات المتكررة على مراكزه و اقتصادياته سواء في المدن أو في الأرياف و بفضل الجهود المتواصلة بقيادة الشهيد سي محمد بونعامة ورفاقه في الكفاح عرفت منطقة الونشريس تطورا ملحوظا في مختلف الهياكل العسكرية والسياسية و الاقتصادية .
إذ مع نهاية سنة 1957 أصبحت هذه المنطقة خاضعة بكاملها لنظام الثورة و لا تعترف بالإدارة الاستعمارية حتى أن الجيش الفرنسي لم يغامر باقتحام المنطقة طيلة سنة 1958 واكتفى بقنبلة المدنيين العزل بالطيران مستعملا القنابل الموقوتة وقنابل النابالم المحرمة دوليا والتي لا يزال آثارها باقية على أجسام الكثير من المواطنين الذين أجبرتهم القوات الاستعمارية على مغادرة مداشرهم وقراهم و تجميعهم في محتشدات هي لأشبه بالمحتشدات النازية.

و بفضل هذه المجهودات الشاقة التي تتطلب صبرا وحكمة و سرعة في التنظيم و التخطيط لإحباط مخططات العدو الفرنسي إذ أصبح جيش التحرير الوطني بالمنطقة يتمتع بالقوة والتنظيم والانضباط، و غداة انعقاد المؤتمر استأنفت وحدات جيش التحرير الوطني معاركها باندفاع جديد و عزيمة لا تلين فقامت بهجومات شاملة استهدفت إحراق مزارع الكولون و ما هي إلا فترة قصيرة و بفضل عمل جماعي متناسق تم تطبيق التنظيم المقرر في مؤتمر الصومام و أصبحت وحدات جيش التحرير الوطني تتصدى للقوات الاستعمارية و تهاجم وحداتها و تضيق الخناق عليها عن طريق نصب الكمائن لقوافل العدو محققة نجاحا باهرا بقيادة الشهيد سي محمد بونعامة حيث تحولت هذه الكمائن في كثير من الأحيان إلى اشتباكات عنيفة و غالبا ما تفوقت وحدات جيش التحرير الوطني فيها لمعرفتها لطبيعة الأرض و إتباعها لأسلوب حرب العصابات أما فرق المسبلين و الفدائيين فقد انصبت مهامهم على تخريب المنشآت القاعدية و ضرب المصالح الاقتصادية للمعمرين و لا يسعنا المجال في عرض كل ما وقع من معارك و اشتباكات وكمائن بمنطقة الونشريس في هذا الكتاب –السجل الذهبي- و اغتنمنا هذه الفرصة لذكر بعض النماذج لهذه العمليات التي لا يمكن إحصاؤها نظرا لكثرتها و وقوعها يوميا في مختلف جهات المنطقة بولاية تيسمسيلت.
***
**
*