الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين،،، وبعد
فإنّ العلم الشرعي من أعظم العلوم على الإطلاق وأشرفها، ويكفي طالب العلم الشرعي فخراً أنه يدرس شرع ربه، ويتعلم أحكامه – سبحانه وتعالى –، ومن الجميل أن يتعمق الإنسان في شرعه ويدرس مناهج العلماء السابقين ليتعلم منهم، ويستفيد من تجاربهم، لذا اخترت الكتابة في موضوع " تطبيقات السياسة الشرعية عند ابن القيم – رحمه الله – " لمعرفة منهح ابن القيم العالم الجليل في السياسة الشرعية، وما يستجد من مستجدات، وكيف يتعامل معها، فموضوع السياسة الشرعية من المواضيع التي انقسم فيها الناس إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أناس جمدوا عند نصوص الشريعة الإسلامية ورفضوا مبدأ السياسة الشرعية، القسم الثاني: أناس توسعوا في موضوع السياسة الشرعية والمصلحة، وقدموها على نصوص الشريهة الإسلامية. القسم الثالث: الذين عملوا بمبدأ السياسة الشرعية وتحقيق المصلحة بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية وتشريعاتها المختلفة، ومنهم ابن القيم رحمه الله. أهمية الموضوع: تكمن أهمية هذا الموضوع في أنّه يتكلم عن منهج عالم من العلماء في السياسة الشرعية، هذا العالم الذي انتسب إليه كثير من الناس في زماننا دون أن يفهموا مذهبه وآراءه، ودون أن يعرفوا كيف كان يسقط الحكم الشرعي على الواقع، وكيف كان ينظر من خلال إطار الشريعة بمنظار المصلحة. منهج البحث: التزمت بهذا البحث بالمنهج التالي: 1- الاعتماد على كتابي الطرق الحكمية وإعلام الموقعين لابن القيم – رحمه الله . 2- نقل الرأي أو القول من مصدره الذي أخذ منه. 3- عزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث الشريفة من مصادرها الرئيسة. 4- إذا قمت بذكر المصدر لأول مرة ذكرت معلوماته كاملة، فإذا عزوت إليه مرة أخرى اكتفيت بذكره خالياً عن معلوماته الأخرى. 5- قمت بترتيب المراجع والمصادر في آخر البحث ترتيباً هجائياً ليسهل على القاريء الرجوع إلى الكتاب. خطة البحث: يشتمل البحث على مقدمة و ثلاثة مباحث وخاتمة. - أما المقدمة فذكرت فيها أهمية الموضوع وخطة البحث. - المبحث الأول: وتكلمت فيه عن مفهوم السياسة الشرعية عند ابن القيم. - المبحث الثاني: أدلة ابن القيم على مفهومه للسياسة الشرعية. - المبحث الثالث: تغير الفتوى وعلاقتها بالسياسة الشرعية عند ابن القيم. - المبحث الرابع: أمثلة على تطبيق ابن القيم للسياسة الشرعية. - المطلب الأول: فهم ابن القيم لحديث النهي عن قطع الأيدي في الغزو. - المطلب الثاني: رأي ابن القيم في حكم إنكار المنكر إذا أدى إلى ما هو أعظم منه. - المطلب الثالث: رأي ابن القيم في المراد بالبينة الشرعية في الإثبات. - المطلب الرابع: رأي ابن القيم في التعزير بالعقوبة المالية. - المطلب الخامس: رأي ابن القيم في الضمان على من أحرق الكتب المضلة. - المطلب السادس: رأي ابن القيم في حبس المتهم. - المطلب السابع: رأي ابن القيم في منع الحاكم مخالطة النساء بالرجال. - المطلب الثامن: رأي ابن القيم في فعل عمر– رضي الله عنه – في طلاق الثلاث. - الخاتمة: وتضمنت أهم النتائج. أرجو الله أن أكون قد وفقت في كتابة هذا البحث عرضاً وشرحاً وترجيحاً، وأن ينفعنا الله به وينفع بنا، ويجعله في ميزان حسناتنا، إنه سميع مجيب الدعاء. المبحث الأول: مفهوم السياسة الشرعية عند ابن القيم. ذكر ابن القيم – رحمه الله – في مقدمة بيانه لمفهوم السياسة الشرعية قول ابن عقيل ومناظرته لأحد الشافعية في مفهوم السياسة الشرعية، ومن ثمّ استطرد مبيناً المراد منها. وللوقوف على معنى السياسة الشرعية عند ابن القيم – رحمه الله – لا بد من أن نسلك طريقته ونعرض المناظرة التي جرت بين ابن عقيل وأحد الشافعية، حيث جاء في إعلام الموقعين:" وجرت في ذلك مناظرة بين أبي الوفاء ابن عقيل وبين بعض الفقهاء فقال ابن عقيل: العمل بالسياسة هو الحزم ولا يخلوا منه إمام. وقال الآخر: لا سياسة إلا ما وافق الشرع. فقال ابن عقيل: السياسة ما كان من الافعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نزل به وحي، فإن أردت بقولك لا سياسة إلا ما وافق الشرع: أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أردت ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة؛ فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والمثل ما لا يجحده عالم بالسير ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف كان رأياً اعتمدوا فيه على مصلحة وكذلك تحريق علي كرم الله وجهه الزنادقة في الأخاديد ونفى عمر لنصر بن حجاج"(1). ثمّ استطرد ابن القيم – رحمه الله – بعد ذكره لعبارات ابن عقيل في بيان أنّ الناس انقسموا في مفهوم السياسة الشرعية ومجالات تطبيقها إلى قسمين(2): القسم الأول: وهم العلماء الذين جمدوا أمام الأحكام الشرعية، وتوقفوا عند ظواهرها، فكان نتيجة ذلك أنّهم عجزوا عند بعض المستجدات والمسائل الحديثة ولم يجدوا لها حلاً وبالتالي أدى ذلك إلى جعل الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، ولما شاهد ولاة الأمور ذلك وكيف أنّهم عجزوا عن الوصول إلى كثير من الحقائق والحلول للمشكلات الواقعة في زمانهم وضعوا القوانين والأحكام الوضعية التي تعالج هذه المشكلات مما أدى إلى ضياع الدين وفساد الناس. يقول – رحمه الله – في ذلك:" وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام وهو مقام ضنك ومعترك صعب، فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا الحقوق، وسخا أهل الفجور على الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقاً صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وعطلوها مع علمهم وعلم غيرهم قطعاً أنها حق مطابق للواقع ظناً منهم منافاتها لقواعد الشرع، ولعمر الله إنها لم تناف ما جاء به الرسول وإن نافت ما فهموه من شريعته باجتهادهم، والذي أوجب لهم ذلك نوع قصير في معرفة الشريعة وتقصير في معرفة الواقع وتنزيل أحدهما على الآخر، فلما رأى ولاة الأمور ذلك وأن الناس لا يستقيم لهم أمرهم إلا بأمر وراء ما فهمه هؤلاء من الشريعة؛ أحدثوا من أوضاع سياساتهم شراً طويلاً وفساداً عريضاً، فتفاقم الأمر وتعذر استدراكه وعز على العالمين بحقائق الشرع تخليص النفوس من ذلك محبطاً من تلك المهالك"(3). القسم الثاني: وهم العلماء الذين أفرطوا في جانب مفهوم السياسة الشرعية ووسعوا من مجالاتها، فسوغوا من الأحكام ما خالف الشرع. يقول ابن القيم عنهم:" وأفرطت طائفة أخرى قابلت هذه الطائفة فسوغت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله"(4). ومن خلال كلام ابن القيم السابق وتقسيماته للناس أمام فهمهم للسياسة الشرعية نرى أنّ ابن القيم قد أيّد رأي ابن عقيل، وانتقد من قال إن السياسة هي فقط ما نطق بها الشرع، حتى اتهمهم بأنهم ضيعوا حقوق الناس وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، وقرر أنّ السياسة مالم يخالف الشرع لا ما نطق الشرع. وقال قولته الشهيرة:" إن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به السماوات والأرض. فإذا ظهرت أمارات الحق، وقامت أدلة العقل، وأسفر صبحه بأي طريق كان، فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره. والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأماراته في نوع واحد، وأبطل غيره من الطرق التي هي أقوى منه وأدل وأظهر، بل بين بما شرعه من الطرق أنّ مقصوده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها"(5). إنّ ابن القيم – رحمه الله – لم يضع تعريفاً محدداً للسياسة الشرعية بل إنّه اعتبر تسمية السياسة بهذا الاسم من باب الاصطلاح، حيث يرى أنّ السياسة جزء من أجزاء الشرع وقسم من أقسامه ولا تعتبر قسيماً له، ثم يقول عنها – رحمه الله- :" هي عدل الله ورسوله، ظهر بهذه الأمارات والعلامات"(6). فهو يرى أنّ تطبيق السياسة الشرعية يحقق عدل الله – سبحانه وتعالى – في الأرض، لذا سمّاها السياسة العادلة، لأنّ الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق العدل وتحقيق مصالح العباد، فإذا حققت السياسة ذلك الأمر ضمن إطار الشريعة الإسلامية، كانت حينئذ جزءاً من الشريعة. يقول ابن القيم:" ومن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يفصل بين الخلائق وأنّه لاعدل فوق عدلها ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح: تبين له أنّ السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها، وأنّ من أحاط علماً بمقاصدها ووضعها وحُسن فهمه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها ألبتة. فإنّ السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر؛ فهي من الشريعة علمها من علمها وجهلها من جهلها"(7). المبحث الثاني: أدلة ابن القيم على مفهومه للسياسة الشرعية. كما ذكرنا سابقاً، فإنّ ابن القيم – رحمه الله – يرى أنّ السياسة الشرعية تطبيق لعدل الله – سبحانه وتعالى – وأنّها تحقق مصالح العباد، وأنّ السياسة ما لم يخالف شرع الله وإن لم ينطق به الشرع صراحة. وقد استدل ابن القيم على صحة ما يقول بمجموعة من الأدلة والآثار سأذكر بعضاً منها(8): 1- أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حبس في تهمة وعاقب في تهمة لمّا ظهرت أمارات الريبة على المتهم(9). ثم يقول ابن القيم:" فمن أطلق كل متهم وحلّفه وخلّى سبيله مع علمه باشتهاره بالفساد في الأرض وكثرة سرقاته وقال: لا آخذه إلاّ بشاهدي عدل، فقوله مخالف للسياسة الشرعية". 2- أنّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – منع القاتل من السلَب لمّا أساء شافعه على أمير السرية، فعاقب المشفوع له عقوبة للشفيع. وأصل القصة ما رواه مسلم في صحيحه:" عن عوف بن مالك قال: ثم قتل رجل من حمير رجلاً من العدو فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد - وكان والياً عليهم - فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره، فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سلبه. قال: استكثرته يا رسول الله. قال: ادفعه إليه. فمر خالد بعوف فجر بردائه ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال: لا تعطه يا خالد لا تعطه يا خالد؛ هل أنتم تاركون لي أمرائي، إنّما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعي إبلاً أو غنماً فرعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضاً فشرعت فيه فشربت صفوه وتركت كدره فصفوه لكم وكدره عليهم"(10). 3- أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – منع الغالَّ من الغنيمة سهمه، وحرّق متاعه هو وخلفاؤه من بعده(11). 4- أنّ أبابكر الصديق – رضي الله عنه – حرق اللوطية وأذاقهم حرّ النار في الدنيا قبل الآخرة. وأصل ذلك أنّ خالد بن الوليد رضي الله عنه كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّه وجد في بعض نواحي العرب رجلاً يُنكح كما تُنكح المرأة فاستشار الصديق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أشدهم قولاً فقال: إنّ هذا الذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا واحدة فصنع الله بهم ما صنع كما قد علمتم؛ أرى أن يحرقوا بالنار، فكتب أبو بكر إلى خالد أن يحرق، فحرقه(12). قال ابن القيم:" وكذلك قال أصحابنا: إذا رأى الإمام تحريق اللوطيّ فله ذلك". 5- حلق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – رأس نصر بن حجاج ونفيه من المدينة لتعلق النساء به(13)، وهذا من باب السياسة الشرعية. والحقيقة أنّ الأدلة التي ذكرها ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية، وفي كتابه إعلام الموقعين كثيرة وليس هنا مجال لذكرها كلها، لذا اكتفي بما ذكرت من أدلة. المبحث الثالث: تغير الفتوى وعلاقتها بالسياسة الشرعية عند ابن القيم أفرد ابن القيم – رحمه الله – في كتابه إعلام الموقعين فصلاً يبين فيه كيف أنّ الفتوى يمكن أن تتغير وتختلف بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وشرع من خلال هذا الفصل في بيان أنّ الشريعة مبناها على المصالح، وأنّ أحكام الشريعة تحقق هذه المصالح. وذهب إلى أنّ هذه المصالح ترمي إلى تحقيق العدل والبعد عن الظلم والجور، فإن أدت أي مسألة إلى الخروج عن تحقيق العدل، وأدت إلى تحقق المفاسد فإنّها حينئذ تخرج عن حكم الشرع. يقول – رحمه الله –:" فصل في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وبناء الشريعة على مصالح العباد في المعاش والمعاد. هذا فصل عظيم النفع جداً وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به؛ فإنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم"(14). المبحث الرابع: أمثلة على تطبيق ابن القيم للسياسة الشرعية. إنّ المستقريء لكتب ابن القيم – رحمه الله – يجد كيف أنّها زاخرة بتطبيقات للسياسة الشرعية، وكيف أنّه غلّب جانب المصلحة فيما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية من خلال الفتاوى والأحكام التي أصدرها، وأحبّ قبل الخوض في بعض الأمثلة عند ابن القيم – رحمه الله – أن أذكر له عبارة جميلة فيما يجب على الفقيه أن يفعل وكيف يتعامل مع الواقع؛ حيث يقول:" والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب وينفذ الواجب بحسب استطاعته لا من يلقي العداوة بين الواجب والواقع فلكل زمان حكم"(15). فكأنّه في هذه العبارة يريد أن يبين أنّ على الفقيه أن ينزل الشريعة على أرض الواقع، فيجمع في فتواه بين ما هو واجب عليه وبين الواقع الذي يعيش فيه، وكيف أنّ لكل زمان حكم خاص به. المطلب الأول: فهم ابن القيم لحديث النهي عن قطع الأيدي في الغزو. يرى ابن القيم – رحمه الله – أنّه يصح للحاكم من باب السياسة الشرعية أن يؤخر إقامة الحد في وقت ما لوجود مصلحة شرعية في ذلك الوقت، ولا يقصد من رأيه هذا أن تعطل الشريعة كلها بدعوى المصلحة، بل يقصد من ذلك أنّ النظر في المصلحة عند تطبيق النصوص إنّما يكون في الجزئيات دون الكليات، وقد أورد الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ما جاء من النهي عن قطع الأيدي في الغزو(16) قال :" فهذا حد من حدود الله تعالى وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عله ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو تأخيره من لحوق صاحبه بالمشركين حمية وغضباً. "، ثم قال بعد أن ذكر أمثلة على ذلك:" وليس في هذا ما يخالف نصاً ولا قياساً، ولا قاعدةً من قواعد الشرع ولا إجماعاً ... وأكثر ما فيه تأخير الحد لمصلحة راجحة إمّا من حاجة المسلمين إليه أو من خوف ارتداده ولحوقه بالكفار وتأخير الحد لعارض أمر وردت به الشريعة كما يؤخر عن الحامل والمرضع وعن وقت الحر والبرد والمرض فهذا تأخير لمصلحة المحدود فتأخيره لمصلحة الإسلام أولى"(17). فابن القيم يرى أنّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – نهى عن قطع الأيدي في الغزو لوجود حكم عديدة، ولتحقيق مصلحة أعظم من تطبيق هذا الحد، ولا يرى أنّ الإسلام عطّل هذا النص وإنّما كان فيه تأخير التنفيذ تطبيقاً للسياسة الشرعية حيث كان تأخير إقامة الحد إمّا لحاجة المسلمين له في الجيش، لأنّ الجيش بحاجة إلى كل فرد من أفراده، وإمّا خوفاً من أن يهرب إلى أرض العدو فيفتتن في دينه، وتتحقق مفسدة أعظم وهي خروج هذا الشخص من الملة. وهذا المنهج في الموازنة بين المصالح من غير تعطيل للشريعة هو عين مفهوم السياسة الشرعية. المطلب الثاني: رأي ابن القيم في حكم إنكار المنكر إذا أدى إلى ما هو أعظم منه. ذهب ابن القيم – رحمه الله – أنّ على الداعية إلى الله أن يوازن بين المصالح والمفاسد، فإن أدت المصلحة إلى مفسدة فلا اعتبار حينئذ لتلك المصلحة حتى نمنع تحقق المفاسد، ويبرز ذلك في النهي عن المنكر، فإنّه من أكبر مهام المسلم، ولكن إن أدى إنكار المكنر إلى ما مفسدة أعظم ومنكر أكبر فحينئذ لا يسوغ إنكار هذا المنكر، وضرب لذلك أمثلة من الواقع تبين صحة ما يقول. والحقيقة أنّ هذا الأمر وهو الموازنة بين المفاسد والمصالح، وترك المصلحة إذا أدت إلى مفسدة أعظم من أهم أعمال الفقيه في السياسة الشرعية. يقول ابن القيم:" المثال الأول أنّ النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنّه لا يسوغ إنكاره وان كان الله يبغضه ويمقت أهله"(18). - ومن الأمثلة التي ذكرها ابن القيم – رحمه الله – تأييداً لما يقول(19): أ- الإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، لأنّ هذا الخروج سيؤدي إلى فتنة ومفسدة أعظم. ب- فعل الرسول صلى الله عليه وسلم: حيث كان يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه. ج- إذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مكاء وتصدية فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد وإلاّ كان تركهم على ذلك خيراً من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك فكان ما هم فيه شاغلاً لهم عن ذلك. د- إذا كان الرجل مشتغلاً بكتب المجون ونحوها وخفت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر فدعه وكتابته الأولى. هـ- ذكره لفتوى شيخه ابن تيمية – رحمه الله – حينما مرّ هو وبعض أصحابه في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معه، فأنكر عليه شيخ الإسلام ذلك وقال له:" إنّما حرم الله الخمر لأنّها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسي الذرية وأخذ الأموال فدعهم"(20). المطلب الثالث: رأي ابن القيم في المراد بالبينة الشرعية في الإثبات. إنّ هذه المسألة من أكثر المسائل التي تكلم عنها ابن القيم – رحمه الله – بل إنّه قد ألّف كتابه الطرق الحكمية في الشياسة الشرعية من أجل هذا الأمر، حيث يرى رحمه الله أنّ وسائل الإثبات ليست مقيدة بعدد معين، وأنّ وسائل الإثبات ليست محصورة في عدد معين بل تشمل كل ما يمكن أن يثبت به الحق ويطمئن به القاضي، ويدخل في ذلك القرائن. يقول – رحمه الله –:" وبالجملة فالبينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ومن خصها بالشاهدين أو الأربعة أوالشاهد لم يوف مسماها حقه، ولم تأت البينة قط في القرآن مراداً بها الشاهدان وإنّما أتت مراداً بها الحجة والدليل والبرهان مفردة ومجموعة"(21). وقد ضرب ابن القيم أمثلة كثيرة لجواز القضاء بغير الشاهدين واليمين، كالحكم بشاهد ويمين، والحكم بالنكول، وقبول شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، والأخذ بالقرائن ودلالة الحال، وغيرهم الكثير. يقول رحمه الله:" وليس في القرآن ما يقتضي أنّه لا يحكم إلاّ بشاهدين أو شاهد وامرأتين، فإنّ الله سبحانه إنّما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به، فضلاّ عن أن يكون قد أمرهم ألاّ يقضوا إلاّ بذلك ولهذا يحكم الحاكم بالنكول واليمين المردودة والمرأة الواحدة والنساء المنفردات لا رجل معهن وبمعاقد القمط ووجوه الآجر وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن"(22). إذن فإنّ ابن القيم – رحمه الله – يرى أنّ الجمود أمام وسائل الإثبات وحصرها بالشهادة واليمين فقط قد يؤدي إلى تضييع حقوق كثير من الناس، ومعروف ما لهذا الأمر من أثر على الاستقرار الأمني للناس، وما يؤدي للوقوع في الظلم، ويرى أيضاً أنّ كل ما يمكن أن يبين الحق يمكن أخذه والعمل به في مجال الإثبات. وهذا الذي ذهب إليه أقرب إلى روح التشريع، وأدعى لتحقيق العدل الذي تكلم عنه في بداية كلامه عن السياسة وتسميته لها بالسياسة العادلة، فالمقصد من الإثبات هو تحقيق العدل من خلال إيصال كل حق متنازع فيه إلى صاحبه ودفع يد الظلم والعدوان عنه، وبالتالي يؤدي ذلك إلى حصول الناس على الاستقرار والأمن على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم. ومن أراد الاستزادة والدخول في تفصيلات ابن القيم لهذا الموضوع فليرجع إلى كتابه الطرق الحكمية. المطلب الرابع: رأي ابن القيم في التعزير بالعقوبة المالية. ذهب ابن القيم – رحمه الله- إلى مشروعية التعزير بالعقوبات المالية، وساق مجموعة من الأدلة من فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الشأن، كما ردّ على من ذهب إلى أنّ هذا الحكم منسوخ(23). المطلب الخامس: رأي ابن القيم في الضمان على من أحرق الكتب المضلة. ذهب ابن القيم – رحمه الله- إلى أنّ من أحرق الكتب المضلة أو أتلفها لا ضمان عليه، واعتبر أنّ مثل هذه الكتب ضارة مضرة للأمة، حيث يقول:" وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة غير مأذون بها؛ بل مأذون في محقها وإتلافها وما على الأمة أضر منها، وقد حرق الصحابة جميعاً المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لمّا خافوا على الأمة من الاختلاف فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة"(24). ويقول في موضع آخر:" والمقصود أنّ هذه الكتب المشتلمة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف وإتلاف آنية الخمر، فإنّ ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق زقاقها "(25). المطلب السادس: رأي ابن القيم في حبس المتهم. يرى ابن القيم – رحمه الله – أنّ الدعاوى تنقسم إلى قسمين: - القسم الأول: دعوى التهمة: وهي التي يُدعى فيها على شخص بفعل محرم يوجب عقوبة، كالقتل أو قطع الطريق أو السرقة. - القسم الثاني: دعوى غير التهمة: كأن يدعي عقداً من بيع أو قرض أو رهن أو ضمان وغير ذلك. وجعل لكل قسم منهما حكم في جواز حبس المتهم أو عدمه، وساق رأي شيخه ابن تيمية – رحمه الله – في هذا الشأن، وذهب إلى مايلي(26): - أمّا دعوى غير التهمة فلا يجوز أن يحبس فيها المتهم لمجرد التهمة والشك، ولا يحكم فيه إلاّ بإقامة البينة من المدعي أو بيمين المدعى عليه إن عجز المدعي عن البينة. لكنّه توسع كما قلنا سابقاً في نوع البينة التي يمكن أن يثبت فيها المدعي دعواه ولم يحصرها بالشهادة. يقول ابن القيم:" وهذا القسم لا أعلم فيه نزاعاً أنّ القول فيه قول المدعى عليه مع يمينه إذا لم يأت المدعي بحجة شرعية وهي البينة"(27). - أمّا في دعاوى التهمة فقد قسّم المتهم – المدعى عليه – إلى ثلاثة أقسام(28): 1- أن يكون المتهم بريئاً ليس من أهل التهمة: وحينئذ لا يجوز عقوبته بالحبس أو الضرب بالاتفاق، وذهب إلى أنّ المتهِم له – أي المدعي – يعاقب على اتهامه في أصح الأقوال صيانة لتسلط أهل الشر والعدوان على أعراض الناس. 2- أن يكون المتهم مجهول الحال، لا يعرف ببر ولا فجور: وهذا المتهم يُحبس حتى ينكشف حاله، ويعرف بره من فجوره. 3- أن يكون المتهم معروفاً بالفجور كالسرقة والقتل وقطع الطريق وغيرها: فإنّ حبسه يكون أولى من حبس مجهول الحال. بل ذهب – رحمه الله – إلى أبعد من ذلك فأجاز ضرب هذا القسم الثالث من المتهمين(29). المطلب السابع: رأي ابن القيم في منع الحاكم مخالطة النساء بالرجال. ذهب – رحمه الله – إلى أنّ على ولي الأمر أن يمنع من مخالطة الرجال بالنساء في الأسواق وأماكن تجمع الرجال. ثم ساق رأي الإمام مالك – رحمه الله – في منع قعود النساء إلى الصناع وبالتحديد المرأة الشابة، أمّا المرأة المتجالّة التي لا تتهم على القعود ولا يتهم من تقعد عنده فلا يرى بأساً في ذلك. بل ذهب – رحمه الله – إلى أبعد من ذلك في سياسة الحاكم في منع النساء من الخروج فقال:" ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات كالثياب الواسعة والرقاق، ومنعهن من حديث الرجال في الطرقات، ومنع الرجال من ذلك. وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة - إذا تجملت وتزينت وخرجت - ثيابها بحبر ونحوه؛ فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب، وهذا من أدنى عقوبتهن المالية. وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها ولا سيما إذا خرجت متجملة، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهنّ على الإثم والمعصية والله سائل ولي الأمر عن ذلك"(30). والسبب الذي دعا ابن القيم إلى أن يذهب إلى هذا الرأي المفسدة الحاصلة من هذا الاختلاط، حيث يقول:" ولا ريب أنّ تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنّه فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو الموت العام والطواعين المتصلة........ فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعاً لذلك "(31). المطلب الثامن: رأي ابن القيم في فعل عمر– رضي الله عنه – في طلاق الثلاث. يرى - رحمه الله – أنّ من طلق زوجته ثلاث طلقات بلفظ واحد فإنّ ذلك يعتبر طلقة واحدة وليس ثلاث طلقات كما فعل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة من السنة النبوية وفعل النبي – صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، لكن وجه ذكر هذه المسألة في هذا البحث هو تبرير ابن القيم فعل عمر – رضي الله عنه -، وكيف أنّ ابن القيم اعتبر فعله من باب السياسة التعزيرية وأنّ للحاكم أن يوقع مثل هذه العقوبات إذا شاهد من الناس تهاوناً فيها، حيث يقول في كتابه إغاثة اللهفان:" الناس هنا طائفتان: طائفة اعتذرت عن هذه الأحاديث لأجل عمر ومن وافقه، وطائفة اعتذرت عن عمر رضي الله عنه ولم ترد الأحاديث فقالوا: الأحكام نوعان: نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة ولا اجتهاد الأئمة كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ونحو ذلك؛ فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه، والنوع الثاني ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زماناً ومكاناً وحالاً كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها فإن الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة....... وهذا باب واسع اشتبه فيه على كثير من الناس الأحكام الثابتة اللازمة التي لا تتغير بالتعزيرات التابعة للمصالح وجوداً وعدماً، ومن ذلك أنّه رضي الله عنه لمّا رأى الناس قد أكثروا من الطلاق الثلاث ورأى أنهم لا ينتهون عنه إلاّ بعقوبة فرأى إلزامهم بها عقوبة لهم ليكفوا عنها، وذلك إمّا من التعزير العارض يفعل عند الحاجة كما كان يضرب في الخمر ثمانين، ويحلق فيها الرأس، وينفي عن الوطن، وكما منع النبي الثلاثة الذين خلفوا عنه عن الإجتماع بنسائهم، فهذا له وجه، وإمّا ظناً أنّ جعل الثلاث واحدة كان مشروعاً بشرط وقد زال كما ذهب إلى ذلك في متعة الحج، إمّا مطلقاً وإما متعة الفسخ فهذا وجه آخر، وإمّا لقيام مانع قام في زمنه منع من جعل الثلاث واحدة كما قام عنده مانع من بيع أمهات الأولاد ومانع من أخذ الجزية من نصارى بني تغلب وغير ذلك فهذا وجه ثالث، فإن الحكم ينتفي لانتفاء شروطه أو لوجود مانعه والإلزام بالفرقة فسخا أو طلاقا لمن لم يقم بالواجب مما يسوغ فيه الاجتهاد"(32). فابن القيم يرى أنّ هذه الأحكام تعتبر من باب التعزيرات التي فيها مجال للاجتهاد، وليس فيها مخالفة للشريعة، بل إنّ المصلحة اقتضت مثل هذا الأمر تأديباً للناس لمّا كثر استعمالهم لمثل هذا الأمر، فلم يجد حينئذ رضي الله عنه إلاّ أن يوقع عليهم هذه العقوبة ليردعهم عن أفعالهم. الخاتمة: - بعد هذا العرض لمفردات هذا البحث توصلت إلى ما يلي: 1- أنّ مفهوم السياسة الشرعية عند ابن القيم – رحمه الله – " هي عدل الله ورسوله، ظهر بهذه الأمارات والعلامات. 2- أنّ ابن القيم يذهب مذهباً وسطاً في فهم السياسة الشرعية، فلا يقف جامداً أمام النصوص الشرعية بحيث يتقيد بظاهريتها، ولا يفرط في تقديم المصالح بحيث تعطل النصوص الشرعية، وإنّما يرى العمل بالمصلحة فيما لا يتعارض مع شرع الله – سبحانه وتعالى-. 3- يرى رحمه الله أنّ تغير الفتوى بحسب الزمان والمكان، وأثر العرف في إصدار الأحكام الشرعية هو عين تطبيق السياسة الشرعية. 4- ذكر رحمه الله أدلة كثيرة على الأخذ بالسياسة الشرعية، كما كان له رحمه الله فتاوى عديدة في بطون كتبه تدل على عمله بالسياسة الشرعية، وأحياناً يسوغ فتوى غيره من العلماء تحت مبدأ السياسة الشرعية. وختاماً أسأل الله أن أكون قد وفقت في كتابة هذا البحث عرضاً وإثراءً وتوضيحاً، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة إنّه سبحانه وتعالى سميع مجيب الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــ
(1) إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل بيروت 1973م، (4/273)، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ابن القيم أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية ببيروت، ص13.
(2) إعلام الموقعين(4/372-373)، الطرق الحكمية ص13-14.
(3) الطرق الحكمية ص13-14، إعلام الموقعين(4/372-373).
(4) الطرق الحكمية ص14، إعلام الموقعين(4/373).
(5) إعلام الموقعين(4/373)، الطرق الحكمية ص14.
(6) الطرق الحكمية ص14.
(7) الطرق الحكمية ص4-5.
(8) انظر: الطرق الحكمية ص14 وما بعدها.
(9) أصل الحديث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة. والحديث أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الديات، باب ما جاء في الحبس في التهمة(4/28)، وأخرجه أبوداود في سننه، كتاب ، باب في الحبس في الدين وغيره(3/314)،وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى، كتاب التفليس، باب حبسه إذا اتهم وتخليته متى علمت عسرته(6/53).
(10) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب استحقاق القاتل سلب القتيل(3/1373).
(12) وأصل ذلك ماروي عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنّه قال: إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه. وروايات أخرى للحديث من أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد عاقب الغالّ بالحرق. والحديث أخرجه أبوداود في سننه كتاب ، باب في عقوبة الغال(3/69). وقد علّق ابن حجر – رحمه الله – على حديث تحريق متاع الغال مبيناً ضعفه فقال:" والأمر بحرق رحل الغال أخرجه أبوداود من طريق صالح بن محمد بن زائدة الليثي المدني أحد الضعفاء قال دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم فأتى برجل قد غل فسأل سالماً أي ابن عبد الله بن عمر عنه فقال سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه ثم ساقه من وجه آخر عن سالم موقوفاً قال أبو داود هذا أصح وقال البخاري في التاريخ يحتجون: بهذا الحديث في إحراق رحل الغال وهو باطل ليس له أصل وراويه لا يعتمد عليه، وروى الترمذي عنه أيضا أنه قال صالح منكر الحديث وقد جاء حديث ذكر الغال وليس فيه الأمر بحرق متاعه". انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة ببيروت 1379 هـ، (6/187).
(13) أخرجه البيهقي في سننه الكبرى، كتاب الحدود، باب ما جاء في تحريم اللواط(8/231).
(14) إعلام الموقعين(3/3).
(15) إعلام الموقعين(4/220).
(16) أخرجه أبوداود في سننه، كتاب الحدود، باب في الرجل يسرق بالغزو أيقطع(4/142).
(17) إعلام الموقعين(3/5-8).
(18) إعلام الموقعين(3/4)
(19) إعلام الموقعين(3/4-5).
(20) انظر فتوى ابن تيمية – رحمه الله – في إعلام الموقعين(3/5).
(21) الطرق الحكمية ص12.
(22) الطرق الحكمية ص135.
(23) الطرق الحكمية ص266-274.
(24) الطرق الحكمية ص275.
(25) الطرق الحكمية ص277.
(26) الطرق الحكمية ص93-106.
(27) الطرق الحكمية ص96.
(28) الطرق الحكمية ص101 وما بعدها.
(29) الطرق الحكمية ص104.
(30) الطرق الحكمية ص280.
(31) الطرق الحكمية ص281.
(32) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ابن القيم أبو عبدالله محمد بن أبي بكر، تحقيق محمد حامد الفقي، دار المعرفة ببيروت 1975م، الطبعة الثانية(1/330-336)
باختصار. المراجع والمصادر: 1- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل بيروت 1973م. 2- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ابن القيم أبو عبدالله محمد بن أبي بكر، تحقيق محمد حامد الفقي، دار المعرفة ببيروت 1975م، الطبعة الثانية 3- سنن أبي داود، أبوداود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الفكر ببيروت. 4- سنن الترمذي، أبوعيسى محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي ببيروت 5- السنن الكبرى، أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، تحقيق محمد عبدالقادر عطا، مكتبة دار الباز بمكة المكرمة 1994م. 6- صحيح مسلم، أبوالحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي ببيروت. 7- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ابن القيم أبوعبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية ببيروت، 8- فتح الباري شرح صحيح البخاري، أبوالفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة ببيروت، 1379 -هـ. د . حسن شموط.
